المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملفات رقم : 02/657 و 02/733 و 02/737
قرار رقم : 04/579 م. د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بعد اطلاعه على العريضة المسجلة بأمانته العامة في 14 أكتوبر2002 التي تقدم بها السيد امحمد الحمدي ـ بصفته مرشحاً رفض ترشيحه ـ طالباً فيها إلغاء الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالداخلة بتاريخ 18 سبتمبر2002 ، وعلى العريضة المسجلة بنفس الأمانة العامة في 11 أكتوبر 2002 التي قدمها السيدان احمد اهل احمد ابراهيم وابراهيم احمد الزين في مواجهة السيد محمد بوبكر ، وعلى العريضة المسجلة بنفس الأمانة العامة في 14 أكتوبر 2002 المقدمة من طرف السيد الهادي فتوح والسيدة حورية فتوح، بصفتهم مرشحين طالبين فيها جميعاً إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 27 سبتمبر 2002 بدائرة " أوسرد " (إقليم أوسرد) وأعلن على إثره انتخاب السيدين محمد بوبكر ومحمد لمين حرمة الله عضوين في مجلس النواب؛
وبعد الاطـلاع على المذكـرات الجوابية المسجلة بنفس الأمانـة العامـة في 17 مارس 2003 ؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثائق المدرجة بالملفات الثلاث ؛
وبناء على الدستور ، خصوصاً الفصل 81 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
وبعد ضم الملفات الثلاث للبت فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس العملية الانتخابية ؛
في شأن الطعن في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بوادي الذهب :
حيث إن الطاعن يدعي أنه تقدم أمام رئيس اللجنة المكلفة بتلقي الترشيحات بعمالة إقليم أوسرد بطلب تسجيل ترشيح لائحة الحزب الذي ينتمي إليه بصفته وكيلا لها ، إلا أن رئيس اللجنة المذكورة رفض الترشيح بعلة أنه لم يتقدم داخل الأجل المخصص لإيداع الترشيحات بأي ملف يستجيب للمقتضيات القانونية، وأنه بعد ذلك إلى المحكمة الابتدائية بالداخلة وفق مقتضيات المادة 81 من القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب ، التي تنص على أنه يمكن إقامة دعوى الطعن خلال أجل يوم واحد من تاريخ تبليغ الرفـض ، وبما أن هذا الأجل بقي مفتوحا لعدم تبليغه أي قرار بالرفض ، فإنه يطلب إبطال حكم المحكمة التي قضت بعدم قبول دعواه لتقديمها خارج الأجل القانوني ؛
لكن حيث ، إنه يبين من أوراق الملف الذي عرض على المحكمة الابتدائية ومن تنصيصات حكمها أن الطاعن تقدم يوم 13 سبتمبر 2002 بملف للترشيح لدى المصلحة المختصة بعمالة إقليم أوسرد التي رفضت تسلمه ولم تمكنه بالتالي من الوصل المؤقت لإيداع ملف الترشيح وهو الوثيقة التي تبرر ـ في حالة رفض الترشيح ـ تبليغ قرار العامل للمرشح المعني بالأمر، وهي وضعية لا تنطبق على الطاعن وتجعل من ادعائه أن أجل إقامة الدعوى بقي مفتوحا إلى حين تبليغه بقرار الرفض ، غير مرتكز على أساس ، وإن ما تم اعتباره ـ عن حق ـ في النازلة قرارا ضمنيا برفض الترشح هو الامتناع عن تسلم ملف الطاعن وهو القرار الذي أصبح نهائيا مع انصرام أجل تسلم ملفات الترشيح من لدن المصلحة المختصة أي بعد الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة 13 سبتمبر 2002 ، وتبعا لذلك فإن المحكمة الابتدائية عندما اعتبرت أن الطلب الذي تقدم به الطاعن بتاريخ 17 سبتمبر 2002 ورد خارج الأجل المنصوص عليه في المادة 81 من القانون التنظيمي رقم 97-31 المومأ إليه أعلاه وحكمت بعدم قبوله ، فإنها صادفت الصواب ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بأن الاقتراع لم يكن حراً وشابته مناورات تدليسية :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى :
1 ـ أن السلطة المحلية تدخلت لفائدة المطعون في انتخابهما، من ذلك أن ثلاثة رجال للسلطة أبناء عمومة أحد المطعون في انتخابهما كانوا يمارسون الضغط المادي والمعنوي على السكان بتهديد المقيمين بمخيمات الوحدة بقطع التموين عنهم أو بترحيلهم من مدينة الداخلة إلى بوشاون وتهديد البحارة بسحب رخص الصيد منهم وهدم وإحراق مساكنهم الموجودة على الشاطئ لكونهم لا يتوفرون على رخص البناء ، وكل ذلك من أجل حثهم على التصويت لابن عمهم ؛
2 ـ أن رجال السلطة الثلاث قاموا بتسليم ابن عمهم المطعون في انتخابه العديد من أوراق التصويت خارج مكاتب التصويت قبل الشروع في عملية الاقتراع، حيث كان يسلمها للناخبين عند الدخول إلى مكاتب التصويت لوضعها دون إضافة أي شيء عليها ، وإخراج الورقة المسلمة لهم لا تحمل أي علامة مقابل حصولهم على مبلغ مالي ، بالإضافة إلى هذا، فإنه كان يلجأ إلى استعمال المال لشراء أصوات الناخبين ، وأنه نتيجة لممارسات تدليسية مماثلة كانت ورقة التصويت تباع خارج مكاتب التصويت؛
3 ـ أن طاعناً كان محل مساومة من طرف أحد المرشحين حرر بشأنها محضر قضائي ؛
لكن ،
حيث ، من جهة أولى ، إن ما ورد في الادعاء حول الضغط الذي مارسه بعض أعوان السلطة المحلية على الناخبين لتوجيه تصويتهم ، لم يدعم سوى بإفادات وبلوائح أسماء أشخاص اقترحوا للشهادة ، لا تكفي وحدها لإثباته ؛
وحيث ، من جهة ثانية ، إن أوراق التصويت المدلى بها لدعم الادعاء ليست في حد ذاتها حجة على أنه تم إخراجها من مكاتب التصويت أو أن المطعون في انتخابهما استعملاها لإفساد عملية الاقتراع ؛
وحيث ، من جهة ثالثة ، إن الشكاية التي تقدم بها أحد الطاعنين يدعي فيها أنه كان محل مساومة للتخلي عن ترشيحه من طرف مرشح آخر، فإنه قد تقرر في شأنها الحفظ بتاريخ 26 سبتمبر2002 تحت عدد 672/3/2002 ؛
وحيث إنه ، بناء على ما سبق عرضه ، تكون المآخذ المتعلقة بأن الاقتراع لم يكن حراً وشابته مناورات تدليسية غير قائمة على أساس صحيح ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بفرز الأصوات وتحرير المحاضر
حيث إن هذه المآخذ تتمثل في دعوى :
1 ـ أن محاضر مكاتب التصويت لم تكن تتوفر على ورقة الإحصاء، مما يتعذر معه مراقبة عملية الفرز من طرف القضاء ؛
2 ـ أن بعض محاضر مكاتب التصويت "حررت على بياض" بدون تاريخ ولا مكان ، وأنه شابها العديد من المخالفات ، فمحضـرا مكتبي التصويت رقم 1 بجماعة اغوينيت و3 بجماعة الكويرة لم يشر فيهما إلى مكان وتاريخ تحريرهما ، ومحضر مكتب التصويت رقم 2 بإعدادية محمد السادس لم تذكر به الجماعة التي ينتمي إليها ، ومكتب التصويت بمقر جماعة تشلا سجلت بمحضره النتائج بالأرقام وليست بالحروف كما يقضي به القانون، وأن مكتب التصويت رقم 4 بإعدادية محمد السادس سجل بمحضره أن ناخبة صوتت به مع أنها كانت وقت الاقتراع توجد بألمانيا ، وأن محضر مكتب التصويت رقم 5 بجماعة الكويرة قد حرر بالداخلة وليس بمكتب التصويت ؛
3 ـ أن تحرير محضر اللجنة الإقليمية للإحصاء تضمن خطأ في تحديد القاسم الانتخابي الذي يبلغ في الواقع 2150 باعتبار أن عدد الناخبين هو 4300 ، مما تكون معه محاضر مكاتب التصويت مجردة من أي قيمة ؛
4 ـ أن "الإدارة وضعت بالغلافات التي أحيلت على المحاكم للحفاظ عليها محضرا مؤرخا غير موقع من طرف جميع أعضاء لجنة الإحصاء ترمي إلى التصريح بكون اللجنة قامت يوم 27 سبتمبر2002 بالإعلان عن النتيجة ، إلا أنه إذا كانت النتيجة أعلن عنها يوم 27 سبتمبر2002 فإنها لم تتوفر على توقيعات أعضائها والذين كانوا غائبين يوم27 سبتمبر2002 ذلك أن التصريح بها لم يقع إلا بعد التصريح الحكومي وليس بالتاريخ الموجود بالوثيقة" ؛
لكن حيث إنه يبين من الرجوع إلى المحاضر المذكورة أعلاه ، سواء المدلى بها أو المودعة بالمحكمة الابتدائية بوادي الذهب أنه :
من جهة أولى ، إن ادعاء طاعنين بكون ورقة الإحصاء غير متوفرة في جل مكاتب التصويت لم يرد فيه أرقام هذه المكاتب وتحديد أماكنها؛
ومن جهة ثانية ، إن محضري مكتبي التصويت رقم 1 بجماعة اغوينيت و3 بجماعة الكويرة المودعين بالمحكمة مؤرخان ومذكور بهما مقر كل منهما ، وأن المدلى بهما مسجلة بكل واحد منهما في الصفحة الأولى الجماعة التي ينتمي إليها وأن عدم تأريخهما هو مجرد إغفال لا تأثير له، وأن محضر مكتب التصويت رقم 2 بجماعة أوسرد ونظيره المدلى به مذكور بهما معاً جماعتهما ، وأما بالنسبة لمحضر مكتب التصويت بمقر جماعة تشلا فإن كتابة النتائج بالحروف لا يوجد في القانون ما يستوجبه ، وأن ما ادعي من أن ناخبة صوتت بمكتب التصويت رقم 4 وهي يوم الاقتراع كانت موجودة بألمانيا ، فقد سجل بالمحضر أنها صوتت بشهادة شاهدين ، وأن الطاعن لم يدل بما يثبت خلاف ذلك ، وبخصوص ما نعي على محضر مكتب التصويت رقم 5 من أنه حرر بالداخلة وليس بمقره الكائن بالكويرة ، لئن كان يبين من الرجوع إلى المحضرين المودع بالمحكمة والمدلى به من أنهما يتضمنان الإشارة إلى تحريرهما بالداخلة ، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن ذلك التحرير وقع فعلا بالداخلة خصوصا وأن الإعدادية التي أقيم بها مكتب التصويت المذكور تضم إلى جانبه خمسة مكاتب للتصويت لم تُشر محاضرها إلى أنها حررت في مكان غير جماعة الكويرة ، بالإضافة إلى أن الادعاء جاء مشوباً بالعموم وعدم الدقة، وإن استبعاد الأصوات المدلى بها فيه من النتيجة العامة للاقتراع ، وعدم احتساب ما نالته منها مختلف اللوائح المرشحة في عداد الأصوات التي حصلت عليها كل منها في الدائرة الانتخابية لن يكون له تأثير في النتيجة العامة للاقتراع ، نظرا لكون الفائز الأخير سيبقى متقدما على المرشح الذي يليه في الترتيب بـ 362 صوتاً بعدما كان الفرق بينهما في الأصل 401 ؛
ومن جهة ثالثة ، إن محضر اللجنة الإقليمية للإحصاء تضمن أن مجموع الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية هو 4300 وبالخصم من هذا العدد 359 من الأصوات التي تساوي عدد الأصوات المحصل عليها من لدن اللوائح المرشحة التي تقل حصيلتها على 3 % من الأصوات المعبر عنها ، وبقسمة هذا الناتج على المقعدين المخصصين للدائرة فإن القاسم الانتخابي يكون 1971 وهو العدد المدون في المحضر؛
ومن جهة رابعة ، إنه بالرغم مما شاب الادعاء من غموض فإن محضر لجنة الإحصاء المودع بالمحكمة ذُيل بتوقيعات جميع أعضاء اللجنة ، وإن كان لم يتضمن ، خلافا للادعاء ، أي تاريخ فإن الطاعن لم يدل بأي حجة على أن إعلان النتائج المشفوعة بتوقيعات الأعضاء، لم يتم بمجرد انتهاء عملية الإحصاء ؛
وحيث إنه ، بناء على ما سبق عرضه ، تكون المآخذ المتعلقة بفرز الأصوات وتحرير المحاضر غير ذات تأثير في وجهها الثاني وغير قائمة على أساس في الوجوه الأخرى ؛
في شأن المأخذ المتعلق بإعلان النتائج :
حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى مخالفة أحكام المواد 74 إلى 78 من القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب ، التي تنص على أن النتائج تُعلن في الحين، وأن المحاضر تحمل إلى من سيحتفظ بها وبالتالي فإن المشرع يعتبر السرعة في إعلان النتائج عنصرا أساسيا ، إلا أنه بالرجوع إلى الواقع فإن الوزارة المسند إليها تنظيم الانتخابات لم تحترم ما جاء في هذه المواد وأن لجن الإحصاء بالعمالات لم تقم بإعلان النتائج بمجرد التوصل بها من المكاتب المركزية بل إن قصاصة للوكالة المغربية للأنباء هي التي أخبرت صباح يوم 28 سبتمبر2002 بأن النتائج سيعلن عنها مساءً ، والوزارة أعطت مساء يوم 29 سبتمبر2002 النتائج العامة ، ثم بعد ذلك خلال ساعات من ليلة الأحد وطيلة يوم الإثنين قامت لجن الإحصاء بنشر النتيجة التي حصلت عليها كل لائحة بباب العمالة، وبالتالي فإن المكاتب المركزية لم تعلن عن أي نتيجة بمجرد إنتهاء عملية الفرز ، وأن هذا يعد خرقا سافرا للمقتضيات القانونية ، وقد بررت الوزارة المذكورة هذا التأخير بأن أخطاءً عديدة أدت إلى مراجعة الحساب من جديد ؛
لكن حيث ، إنه بالرجوع لأحكام الفقرة الأولى في كل من المادتين 74 و78 من القانون التنظيمي رقم 97-31 المومأ إليه أعلاه يتضح أن رئيس مكتب التصويت يقوم بإعلان النتيجة بمجرد انتهاء عملية الفرز ، وأن لجنة الإحصاء التابعة للعمالة أو الإقليم تقوم بإحصاء الأصوات التي نالتها كل لائحة أو مرشح وتعلن نتائجها حسب توصلها بها ، الأمر الذي يستنتج منه أن القانون لم يلزم مكاتب التصويت ولجان الإحصاء بإعلان النتائج يوم الاقتراع ، بل علق ذلك على الانتهاء من عملية الفرز بالنسبة لمكـاتب التصويت ، وبتوصل لجان الإحصاء بالنتائج المضمنة بمحاضر المكاتب المركزية ، وأن الادعاء لم يدعم بما يثبت عدم التقيد بالمقتضيات المذكورة وفق ما ورد أعلاه ، الأمر الذي يكون معه المأخذ المثار غير مجد ؛
في شأن البحث المطلوب :
حيث إنه ، بناء على ما سلف بيانه ، لا داعي لإجراء البحث المطلوب ،
لهذه الأسباب
ومن غير حاجة إلى الفصل فيما أثاره المطعون في انتخابهما من دفوع بعدم قبول الطعون من حيث الشكل :
أولا : يقضي برفض طلب السيد امحمد الحمدي الرامي إلى إلغاء الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بوادي الذهب في 18 سبتمبر 2002 ،
ثانيا : يقضي برفض طلبات السادة امحمد الحمدي واحمد اهل احمد ابراهيم وابراهيم احمد الزين والهادي فتوح والسيدة حورية فتوح الرامية إلى إلغاء نتيجة الاقتراع، الذي أجري في 27 سبتمبر 2002 بدائرة "أوسرد" (إقليم أوسرد) وأعلن على إثره انتخاب السيدين محمد بوبكر ومحمد لمين حرمة الله عضوين في مجلس النواب ؛
ثالثاً : يأمر بنشر قراره هذا في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف .
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الأربعاء 26 جمادى الأولى1425
(14 يوليوز 2004)
الإمضاءات
عبد العزيز بن جلون
إدريس العلوي العبدلاوي السعدية بلمير عبد اللطيف المنوني عبد الرزاق الرويسي
إدريس لوزيري عبد القادر القادري عبد الأحد الدقاق هانيء الفاسي