قرارات المجلس الدستوري


قرار رقم : 2004/564
تاريخ صدور القرار : 2004/04/14

المملكة المغربية            الحمد لله وحده

المجلس الدستوري

ملفات رقم : 02/641 و02/709 و02/710

قرار رقم : 04/564 م. د

باسم جلالة الملك

المجلس الدستوري ،

بعد الاطلاع على العرائـض المسجلة بأمانته العامة في 11 و14 أكتوبر2002 التي قدمها السادة محمد لمباركي وحمودة القائد والغالي الخدير والغزواني الحداوي وعباس العرش ـ بصفتهم مرشحين ـ  طالبين فيها إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 27 سبتمبر 2002 بالدائرة الانتخابية "بنسليمان" (إقليم بنسليمان) ، وأعلن على إثره انتخاب السادة امبارك عفيري واحمد الزايدي وخليل الدهي أعضاء في مجلس النواب ؛

وبعد الاطلاع على الوثائق التي أدلى بها الطاعنان محمد لمباركي وحمودة القائد بتاريخ 3 فبراير2003 ، بعد أن منحهما المجلس الدستوري أجلاً إضافياً لذلك ؛

وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة في 29 يناير و25 و28 مارس 2003 ؛

وبعد الاطلاع على  المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفات الثلاث ؛

وبناء على الدستور ، خصوصاً الفصل 81 منه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛

وبعد ضم الطلبات للبت فيها بقرار واحد نظراً لتعلقها بنفس العملية الانتخابية ؛

أولا: من حيث الشكل

حيث إن المطعون في انتخابهما السيدين امبارك غفيري وخليل الدهي ، يدفعان بعدم قبول الطعن من حيث الشكل بدعوى ، عدم إثبات الطاعنين صفتهم وأهليتهم في التقاضي ، وتوجيه الطعن ضد المطعون في انتخابهم لا ضد العمليات الانتخابية التي حددها القانون ، وعدم إدخال السلطة الإدارية المشرفة على العملية الانتخابية في الدعوى ، بالإضافة إلى عدم تحديد الطاعن الغالي خدير ومن معه أسباب الطعن لتبرير طلب الإلغاء وعدم تقديمهم وسائل الإثبات ضمن العريضة ؛

لكن حيث ، إن هذه الدفوع مردودة ، من جهة ، لكون المطعون في انتخابهما المذكورين لم يحددا أسباب الطعن في أهلية الطاعنين، كما أن هؤلاء قد اكتسبوا الصفة التي تخولهم الطعن لكونهم مرشحين ، ومن جهة أخرى ، إن الطعن وجه إلى صحة انتخاب المطعون في انتخابهم بناء على  أحكام الفصل 81 من الدستور ، وأن الفقرة الأولى من المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، توجب تضمين عريضة الطعن الإسم العائلي والشخصي للطاعن وصفته وعنوانه والإسم العائلي والشخصي للمنتخب المنازع في انتخابه وبيان الوقائع والوسائل المحتج بها لإلغاء الانتخاب وهي عناصر كلها متوفرة في عرائض الطعن ؛

وحيث ، إنه تأسيسا على ما سلف بيانه ، تكون الدفوع الشكلية بعدم قبول الطعن ، غير مرتكزة على أساس صحيح ؛

ثانياً: من حيث الموضوع 

في شأن المأخذ المتعلق بالمناورات التدليسية وحرية الاقتراع :

حيث إن هذا المأخذ ، الذي جاء في عرائض الطعن الثلاثة ، يتلخـص في دعوى ، أن الاقتراع شابته مناورات تدليسية تداول وقائعها الجميع ، تمثلت في شراء الأصوات علانية وكان لها أثر مباشر على إفساد العملية الانتخابية ، وتجلى ذلك بالخصوص في التلاعب بأصوات الناخبين من خلال اتصال بعض" المفسدين" بموظفي السلطة المحلية للحصول منهم على أوراق التصويت لاستعمالها حسب اختيارهم ، وذلك بالتأشير على اللائحة المرغوب فيها خارج مكاتب التصويت وتسليمها للناخب ليضعها في الصندوق مقابل مبلغ مالي على أن يخرج الورقة المسلمة له لاستغلالها مع ناخب آخر، وهكذا دواليك ، وقد تم لهم فعلا ذلك إثر تسريب مجموعة من أوراق التصويت من مكاتب قيادة مليلة المذاكرة ليلة الاقتراع وهو ما تم اكتشافه ، الأمر الذي أدى إلى توقيف القائد عن مهامه وإجراء بحث بواسطة الضابطة القضائية ، أسفر عن ضبط اثنين من موظفي القيادة المذكورة ، اعترفا باستيلائهما على أوراق التصويت وتسليمها لشخص ثالث بقي في حالة فرار ، وبعد إحالة المحضر على العدالة تمت إدانة المتهمين بتاريخ 17 أكتوبر 2002 من أجل جنحة خرق سرية التصويت ومحاولة المس بنزاهة الاقتراع ؛

وحيث إنه يبين من التحقيق ومن الاطلاع على الوثائق المدرجة بالملفات :

1 ـ أن محاضر الضابطة القضائية التابعة لمركز بنسليمان المسجلة تحت عدد 542 و544 و642 و230 والتي أنجزت بالتتابع بتاريخ 27 و30 سبتمبر و14 نوفمبر 2002 و24  فبراير 2003 ، تضمنت أن رجال الدرك ، وبناء على إشعار بتسرب أوراق التصويت من قيادة مليلة المذاكرة ، انتقلوا إلى عين المكان الذي وصلوه حوالي الساعة الثالثة من صباح يوم 27 سبتمبر 2002 ، وبعد التحريات الأولية ، ألقوا القبض على المسمى عبد الرحيم ثبات الموظف بالقيادة المذكورة ، الذي أوضح في تصريحه كيفية تكليفه من طرف القائد بختم أوراق التصويت وتوزيعها حسب الجماعات القروية التابعة للقيادة، وأنه مساء يوم 24 سبتمبر2002 اتصل به المسمى نورالدين الحقاني ، الذي يملك بقالة بنفس الحي الذي يسكنه والذي تربطه به علاقة طيبة ، وطلب منه تسليمه بعض أوراق التصويت بعدما أقنعه بسرية العملية ومردوديتها ، فاستجاب لطلبه وأمده بعشرين ورقة للتصويت أخذها من الكمية التي كانت تختم في مكتبه ، وأضاف أن المسمى الشرقي الهيباوي الموظف في نفس القيادة قد يكون بدوره سلم للبقال المذكور البعض من أوراق التصويت ؛

 وعند استماع الضابطة القضائية للمسمى الشرقي الهيباوي أوضح أنه عمد إلى اختلاس 15 ورقة تصويت بناء على طلب المسمى نورالدين الحقاني ، الذي تربطه به علاقة صداقة ، وسلمها له بعدما وعده باقتسام الأرباح المحصلة من بيعها لشخص يحظى بثقة كبيرة والذي سيستعملها في سرية تامة ؛

 وبعد إلقاء القبض على المسمى نورالدين الحقاني، الذي بقي في حالة فرار لمدة تقـارب خمسة أشهر ، أكد للضابطة أقوال الموظفين المذكورين ، وأوضح أنه قبل أسبوع من يوم الاقتراع حضر إلى دكانه المسمى الشرقي الهيباوي وعرض عليه تدبر من يشتري أوراق التصويت الموجودة  تحت تصرفه بمقر العمل ، فأعرب له عن رغبته في مشاركته في ذلك ، وبعد يوم أو يومين سلمه ورقة تصويت رسمية واحدة لعرضها على كل راغب في شراء مثيلاتها ، فقام بإخبار قريبه المسمى امحمد الرشادي بذلك ، الذي طلب منه محاولة الحصول على المزيد من أوراق التصويت ، الشيء الذي قام به حيث حصل على 14 ورقة للتصويت من المسمى الشرقي الهيباوي و20 ورقة للتصويت من المسمى عبد الرحيم ثابت واحتفظ بالكل في كيس بلاستيكي أودعه عند المسمى أحمد ويدان ، وأضاف المصرح أنه خلال نفس الفترة كان قد اتصل به المسمى محمد العرفي مرشح إحدى اللوائح فعرض عليه ورقة التصويت التي في حوزته وأشعره أنه يتوفر على مثيلاتها من أجل البيع فأمهله لوقت لاحق ، ولكنه فوجئ ليلة الاقتراع برجال الدرك يترصدونه ، حيث غادر منزله وتوجه عند المسمى أحمد ويدان وأخذ منه الكيس المحتوي على أوراق التصويت ليسلمه في نفس الليلة لقريبه امحمد الرشادي وبقي مختفيا بمدينة الدار البيضاء إلى أن سلم  نفسه إلى رجال الدرك ؛

وأكد المسمى أحمد ويدان تصريحات سابقه فيما يخص إخفاء الكيس البلاستيكي ، مضيفاً أنه ليلة الاقتراع فوجئ بطرق باب مسكنه من طرف نورالدين الحقاني وهو في حالة رعب شديد وأخبره باكتشاف أمره وطلب منه تسليمه الكيس المذكور فاستجاب لرغبته، وأنهت الضابطة القضائية بحثها بالإشارة إلى تعذر الاستماع إلى المسمى امحمد الرشادي لعدم العثور عليه ؛

2 ـ أن المحكمة الابتدائية ببنسليمان أصدرت حكمين ، الأول بتاريخ 17 أكتوبر 2002 تحت عدد 6/96/02 والثاني بتاريخ 6 مارس 2003 تحت عدد 52/03 ، بإدانة الأظناء عبد الرحيم ثبات والشرقي الهيباوي ونورالدين حقاني وأحمد ويدان من أجل جنحة خرق سرية التصويت والمس بنزاهة الانتخابات، وحكمت على الثلاثة الأوائل بسنة واحدة  حبساً نافذاً وعلى الرابع بأربعة أشهر حبساً نافذا ً، طبقاً لمقتضيات المادة 62 من القانون التنظيمي 97-31 المتعلق بمجلس النواب ، وقد تم تأييد الحكمين المذكورين من طرف محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 26 دجنبر 2002 و10 أبريل 2003 في الملفين 8302/02 و2767/03 مع خفض العقوبة الحبسية بالنسبة للظنينين عبد الرحيم ثبات والشرقي الهيباوي إلى ثمانية أشهر حبساً نافذاً لكل واحد منهما ؛  

وحيث إن ما ثبت من ظروف النازلة وملابساتها ومن الوثائق المدرجة بالملف، أن ممارسات خطيرة منافية للقانون ، شابت العملية الانتخابية برمتها ، أدت إلى خرق سرية التصويت والمس بنزاهة الانتخاب، وهو أمر أكده القضاء، مما يبعث على عدم الاطمئنان لصدق وسلامة الاقتراع بالدائرة الانتخابية موضوع الطعن ، ويستوجب بالتالي التصريح بإلغاء الاقتراع وإبطال النتيجة التي أسفر عنها ؛         

لهذه الأسباب

ومن غير حاجة إلى التعرض لباقي المآخذ المتمسك بها من طرف الطاعنين :

أولا : يقضي بإلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 27 سبتمبر 2002 بالدائرة الانتخابية "بنسليمان" (إقليم بنسليمان) ، وأعلن على إثره انتخاب السادة امبارك عفيري واحمد الزايدي وخليل الدهي أعضاء في مجلس النواب ؛

ثانيا : يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف وبنشره في الجريدة الرسمية .

وصدر بمقر المجلس الدستوري  بالرباط  في يوم الأربعاء 23 صفر1425

(14 أبريل 2004)

الإمضاءات  

عبد العزيز بن جلون

محمد الودغيري   إدريس العلوي العبدلاوي   عبد اللطيف المنوني   عبد الرزاق الرويسي

إدريس لوزيري    محمد تقي الله ماء العينين  عبد القادر القادري    عبد الأحد الدقاق

هانيء الفاسي      صبح الله الغازي