المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملفات رقم : /02 588 و 590/02 و 02/735
قرار رقم : 04/563 م. د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بعد الاطلاع على العريضتين المسجلتين بأمانته العامة في 8 اكتوبر 2002 اللتين قدمهما السيدان محمد الدباغ وجواد المرحوم ـ بصفتهما مرشحين ـ وعلى العريضة المسجلة بنفس الأمانة العامة في 14 أكتوبر 2002 التي قدمتها السيدة خديجة كونتيني العثماني ـ بصفتها مرشحة كذلك ـ طالبين فيها جميعا إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري يوم 27 سبتمبر 2002 بالدائرة الانتخابية "فاس المدينة" (عمالة فاس المدينة) وأعلن على إثره انتخاب السادة عزيز اللبار والحسن شهبي ولحسن الداودي أعضاء بمجلس النواب ؛
وبعد استبعاد المذكرة الجوابية المسجلة في 10 مارس 2003 لإيداعها خارج الأجل الذي حدده المجلس الدستوري ؛
وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة في 6 و19 فبراير 2003 ؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثائق المدرجة بالملفات ؛
وبناء على الدستور ، خصوصا الفصل 81 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
وبعد ضم الملفات الثلاثة للبت فيها بقرار واحد نظرا لتعلقها بنفس العملية الانتخابية ؛
في شأن المأخذ المتعلق بتشكيل مكتبين للتصويت :
حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن رئيسي مكتبي التصويت رقم 227 (مدرسة محمد عبده) و244 (مدرسة أحمد شوقي) لا يتوفران على شروط الحياد والنزاهة التي يشترطها القانون لكونهما من أنصار مرشح أحد الأحزاب وينتميان لهذا الحزب ؛
لكن ، حيث إن تعيين رؤساء مكاتب التصويت يرجع الأمر فيه إلى العمال وفق أحكام المادة 68 من القانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب وأن الطاعـن لم يثبت ولم يدع أن تعيين رئيسين لمكتبي تصويت لهما انتماء سياسي ـ على فرض ثبوته ـ كان نتيجة مناورات تدليسية أو أنهما أخلا أثناء مزاولة مهامهما بمستلزمات النزاهة والحياد ، الأمر الذي يكون معه المأخذ المثار غير قائم على أسـاس صحيح ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بكون الاقتراع لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابهم قاموا بأعمال من شأنها التدليس على المواطنين والحد من حرية اختيارهم وأن هذه الممارسات المخالفة للقانون التي أثرت على المشاركة في الاقتراع وعلى نتائجه تمثلت، من جهة أولى ، في السب والقذف والشتم وترويج الإشاعات الكاذبة ضد أحد الطاعنين الذي هو في نفس الوقت رئيس بلدية فاس المدينة ، ذلك أن أنصار مرشح أحد الأحزاب قاموا مع انطلاق الحملة الانتخابية بتوزيع مكثف لمنشور مزيف عنوانه " الوزير الأول يرفض استقبال رئيس بلدية فاس" متضمنا سبا وقذفا في حق هذا الأخير إضافة إلى اختلاسات مالية نسبت إليه ، مما أدى به إلى تقديم شكاية إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بفاس بتاريخ 19/9/2002 سجلت تحت عدد 3957/2002 ، كما تم توزيع منشور آخر وهو عبارة عن صورة من كتاب "المافيا الفاسية فاس المدينة والثقوب السوداء" الذي يحمل صورة الطاعن المشار إليه وأن أحد المرشحين لجأ إلى تكوين عصابة تضم 50 شخصا تجوب أحياء المدينة وترهب السكان كما أنها منعت من دخول مكاتب التصويت الأشخاص الذين لا يناصرونها وباقتحام مكاتب التصويت بمدرسة الشريف الإدريسي وهي حاملة الأسلحة البيضاء بقيادة مسير حملة أحد المطعون في انتخابهم الذي دخل في شجار مع أحد أعوان السلطة أدى إلى إصابة هذا الأخير بضرب مبرح تم على إثره تقديم شكاية إلى السيد وكيل الملك بتاريخ 7/10/2002 تحت عدد 4212 ، وأن وكيل إحدى اللوائح قدم شكاية تتعلق بوجود أحد المستشارين بالدائرة رقم 24 بجماعة فاس المدينة وبرئيس مكتب التصويت رقم 227 (مدرسة محمد عبده) لكونهما يدعوان الناس إلى التصويت لمرشح أحد الأحزاب ، وأن إحدى الجمعيات المساندة لأحد المرشحين أقحمت نفسها في الحملة الانتخابية وحاولت تنظيم مهرجان خطابي إلا أن السلطات المحلية أصدرت قرارا بمنع هذا المهرجان ، ومن جهة ثانية ، في تلقي مجموعة من الأشخاص رشاوى من طرف أحد المطعون في انتخابهم حيث تم الاستنجاد بالشرطة وقائد المنطقة قصد ضبط هذه الحالة إلا أن هذا الأخير تركهم يذهبون إلى حال سبيلهم وأن أخ أحد المطعون في انتخابهم عمل طوال يوم الاقتراع على التأثير بجميع الوسائل بما فيها المفسدة على الناخبين ، وأنه تم ضبط الكاتب المحلي لأحد الأحزاب مع مرافق له وهما يقدمان للمواطنين مبلغا من المال قصد التصويت لوكيل لائحة هذا الحزب، ومن جهة ثالثة، في كون الملاحظة المسجلة بمحضر مكتب التصويت رقم 157 (مدرسة الإمام البخاري) تضمنت أن التيار الكهربائي انقطع فجأة ومع ذلك اضطر عدة أشخاص إلى التصويت في ظروف غير ملائمة ، وأنه تم تسريب أوراق التصويت بالمكتب 143 الكائن بحي الجنانات وتم الإدلاء بثلاث أوراق للتصويت ادعي تداولها ؛
لكن حيث ، من جهة ، إنه فضلا عن أن الشكاية المسجلة لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بفاس في 19 سبتمبر 2002 صدر في شأنها قرار بالحفظ وأن الشكاية المسجلة لدى نفس النيابة العامة في 7 أكتوبر 2002 صدر في شأنها حكم بتاريخ 2 أكتوبر 2003 قضى ببراءة المتهم ، فإن الصور والإفادات المدلى بها لدعم باقي الادعاءات غير كافية وحدها لإثبات صحتها ؛
وحيث ، من جهة أخرى ، إنه لئن تم بالفعل انقطاع التيار الكهربائي بمكتب التصويت رقم 157 (مدرسة الإمام البخاري) كما يبين من المحضر فإن الملاحظة المدونة به تفيد أن عملية الانتخاب التي استمرت ربع ساعة المتبقية مرت بشكل عادي ولم يثبت الطاعن خلاف ذلك ، كما أن أوراق التصويت المدلى بها ليست في حد ذاتها حجة على أنه تم تسريبها وأنها استعملت من طرف المطعون في انتخابهم لإفساد العملية الانتخابية ؛
وحيث إنه ، تأسيسا على ما سلف بيانه ، تكون المآخذ المتعلقة بكون الاقتراع لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية هي أيضا غير مرتكزة على أساس صحيح ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بسير عملية الاقتراع وفرز الأصوات :
حيث إن هذه المآخذ تتمثل في دعوى ، من جهة أولى ، أن بعض الخروقات لم يقع تسجيلها في محضر مكتب التصويت رقم 225 (إعدادية سيدي محمد بن العربي العلمي) وفي محضر مكتب التصويت رقم 126 (مدرسة أبي بكر الصديق) رغم احتجاج وكيل إحدى اللوائح ، ومن جهة ثانية ، في كون أوراق إحصاء الأصوات لم تكن متوفرة في جل مكاتب التصويت مما أصبحت معه مراقبة عملية الفرز مستحيلة من طرف القضاء ، ومن جهة ثالثة ، في خرق أحكام الفصل 73 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب المومأ إليه أعلاه وذلك بعلة أن مكاتب التصويت التي ألغت على إثر عملية الفرز 11420 ورقة لم تبين في الأغلفة التي وضعت فيها هذه الأوراق عما إذا كان الأمر يتعلق باللائحة الوطنية أو المحلية بالإضافة إلى عدم الإشارة إلى وجود أوراق متنازع فيها ؛
لكن حيث ، من جهة أولى ، لئن كان يبين من الاطلاع على محضري مكتبي التصويت سواء المدلى بهما أو المودعين لدى المحكمة الابتدائية بفاس أنهما لا يتضمنان أي ملاحظة فإن الطاعن لم يدل بما يثبت رفض تسجيل بعض الخروقات بالمحضرين ؛
وحيث من جهة ثانية ، فإن المأخذ المتعلق بعدم توفر أوراق إحصاء الأصوات جاء عاما ومبهما إذ لم يتضمن تحديد المكاتب المعنية ؛
وحيث ، من جهة ثالثة ، إنه يتضح من التحقيق أن أوراق التصويت الملغاة قد وضعت في غلافات خاصة مستقلة وفق ما ينص عليه القانون كما ينص عليه القانون وأن مكاتب التصويت قد ميزت بين الأوراق الملغاة برسم اللائحة الوطنية والأوراق الملغاة الأخرى كما يبين ذلك من إشارتها إلى أعداد هذه الأوراق في كل محاضر عملية الاقتراع بالدائرة الوطنية والدائرة المحلية وأن عدم وجود الأوراق المنازع فيها ليس حجة على عدم سلامة الاقتراع ؛
وحيث إنه ، تأسيسا على ما سلف ، تكون المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع وفرز الأصوات غير مجدية ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بتحرير المحاضر وتسليمها :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى ، من جهة ، أن عملية تحرير المحاضر شابها تزوير تمثل في تغيير أرقام النتائج عند نقلها من محاضر مكاتب التصويت رقم 234 إلى 240 إلى محضر المكتب المركزي التابعة له ، وفي تغيير عدد الأصوات التي حصلت عليها إحدى اللوائح بمكتب التصويت رقم 27 من 10 إلى 0 وفي "تغيير أرقام بالنسبة للنتائج وعدد المصوتين والأصوات المعبر عنها والتزوير في محضر المكتب المركزي رقم 8 في محاضر مكاتب التصويت رقم 214 – 211 = 217 – 192 إلى 206 : 207 إلى 221" ومن جهة أخرى ، إنه لم يتم تسليم محاضر المكتب المركزي بجماعة قنصرة لممثل إحدى اللوائح الذي تم إخراجه ؛
لكن حيث ، من جهة ، إنه بغض النظر عن الوجه الثالث من المأخذ الأول الذي شابه غموض يستحيل معه تحديد مدلول الادعاء ، فإنه يبين من الاطلاع على محضر مكتب التصويت رقم 27 أن اللائحة المشار إليها أعلاه لم تحصل على أي صوت ولم يدل الطاعنون بما يثبت أن هذه النتيجة تم تغييرها ، كما أنه يتضح من المقارنة بين مضمون محاضر مكاتب التصويت رقم 234 إلى 240 بالمحضر المركزي التابعة له وجود التطابق بين هذه المحاضر ومحضر المكتب المركزي إلا بالنسبة لمكتب التصويت رقم 235 حيث أضيفت ضمن محضر المكتب المركزي خمسة أصوات وزعت على أربع لوائح مرشحة غير أن تصحيح هذا الخطأ المادي لن يكون له تأثير في نتيجة الاقتراع نظرا لفارق الأصوات الموجود بين الفائز الأخير والمرشح الذي يليه في الترتيب والذي يبلغ 183 صوتا ، ومن جهة أخرى ، لم يدل الطاعن بأي حجة على ما ادعاه ، فضلا عن أن تسليم محاضر مكاتب التصويت إجراء لاحق لعملية الاقتراع وعدم التقيد به ليس من شأنه في حد ذاته أن يؤثر في نتيجة الاقتراع ؛
وحيث إنه ، تأسيسا على ما سبق ، تكون المآخذ المتعلقة بتحرير المحاضر وتسليمها غير قائمة على أساس صحيح ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بإعلان النتائج :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى مخالفة أحكام المواد من 74 إلى 79 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب بعلة أن نتائج الاقتراع لم تعلن من لدن مكاتب التصويت في الحين ولم تحرر المحاضر على الفور ولم تحمل إلى من له الحق في حينها، ذلك أن العملية الانتخابية التي جرت يوم 27 سبتمبر 2002 لم يعلن عن نتائجها إلا بعد مرور أكثر من 48 ساعة عن فرزها ، إذ إن قصاصة من الوكالة المغربية للأنباء أخبرت صباح يوم السبت 28/9/2002 أن النتائج سيعلن عنها مساء هذا اليوم ، إلا أنه وفي المساء أعلنت الوزارة المكلفة بتنظيم الانتخابات أن النتائج سيعلن عنها مساء يوم الأحد 29/9/2002 ، وأنه وبالفعل صدر بلاغ في اليوم المذكور أعطى النتائج المحصل عليها من طرف كل هيئة شاركت في الانتخاب دون الإعلان عن أية نتيجة ملموسة أو نهائية للدوائر الانتخابية ، تم بعد ذلك خلال ساعات يوم الأحد وطيلة يوم الاثنين قامت لجن الإحصاء التابعة للعمالة بنشر النتيجة المحصل عليها لكل لائحة ؛
لكن حيث ، من جهة أولى ، إنه لم يتم تحديد مكاتب التصويت التي يكون قد تم فيها خرق المقتضيات أعلاه المتعلقة بالإعلان عن النتائج ؛
وحيث ، من جهة ثانية ، إنه يستخلص من أحكام الفقرة الأولى بكل من المادتين 74 و78 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب أن رئيس مكتب التصويت يقوم بإعلان النتيجة بمجرد انتهاء عملية الفرز، وأن لجنة الإحصاء التابعة للعمالة أو الإقليم تقوم بإحصاء الأصوات التي نالتها كل لائحة أو كل مرشح وتعلن نتائجها حسب توصلها بها ، الأمر الذي يستنتج منه أن القانون لم يلزم مكاتب التصويت ولجان الإحصاء بإعلان النتائج يوم الاقتراع بل علق ذلك على الانتهاء من عملية فرز الأصوات بالنسبة لمكاتب التصويت ، وبتوصل لجان الإحصاء بالنتائج المضمنة بمحاضر المكاتب المركزية وأن الطاعنين لم يثبتوا عدم التقيد بالمقتضيات المذكورة وفق ما ورد أعلاه ؛
وحيث إنه ، تأسيسا على ما سلف بيانه ، يكون المأخذ المتعلق بإعلان نتيجة الاقتراع غير مجد ؛
في شأن البحث المطلوب :
حيث إنه تأسيسا على ما سلف بيانه ، لا داعي لإجراء البحث المطلوب ؛
لهذه الأسباب
ومن غير حاجة إلى الفصل فيما أثاره المطعون في انتخابهم من دفوع بعدم قبول الطلب من حيث الشكل :
أولا : يقضي برفض طلبات السيدين محمد الدباغ وجواد المرحوم والسيدة خديجة كونتيني العثماني الرامية إلى إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 27 سبتمبر 2002 بالدائرة الانتخابية "فاس المدينة" (عمالة فاس المدينة) وأعلن على إثره انتخاب السادة عزيز اللبار والحسن شهبي ولحسن الداودي أعضاء بمجلس النواب ؛
ثانيا : يأمر بنشر قراره هذا في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف .
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الأربعاء 9 صفر الخير 1425
(31 مارس 2004)
الإمضاءات
عبد العزيز بن جلون
محمد الودغيري إدريس العلوي العبدلاوي السعدية بلمير عبد اللطيف المنوني
عبد الرزاق الرويسي إدريس لوزيري محمد تقي الله ماء العينين
عبد القادر القادري عبد الأحد الدقاق هانئ الفاسي