المملكة المغربية الحمد لله وحده
المجلس الدستوري
ملف رقم : 94/14 و19 و21
قرار رقم : 95/56 م.د
باسم جلالة الملك
المجلس الدستوري ،
بناء على الدستور ، خصوصا الفصل 79 منه ؛
وبناء على الظهيـر الشـريف رقـم 177-77-1 الصـادر في 20 من جمـادى الأولى 1397 (9 ماي 1977) المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه ، كما وقع تغييره وتتميمه ، خصوصا الفصل 48 منه ؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ؛
وبعد الإطلاع على العرائض المسجلة بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 10 و11 ماي 1994 التي قدمها السادة حسن نجمي والحاج بوعزة الملياني وامحمد فارس بصفتهم مترشحين في الإنتخابات التشريعية بدائرة ابن أحمد ـ إقليم سطات ، طالبين إلغاء الإقتراع الذي أجري بهذه الدائرة في 26 من أبريل 1994 وأعلن على إثره انتخاب السيد الحاج أحمد أمهال ؛
وبعد الإطلاع على المذكرات الجوابية ومذكرة التعقيب المسجلة بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في فاتح يوليو 1994 و2 أغسطس 1994 ؛
وبعد الإطلاع على المستندات المرفقة بالعرائض وبالمذكرات الجوابية ؛
وبعد الإستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
وحيث إن الطعون المشار إليها أعلاه تتعلق بنفس العملية الإنتخابية ، الأمر الذي ينبغي معه ضمها للبت فيها بقرار واحد ؛
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الإنتخابية :
حيث إن هذه المآخذ تقوم ـ من جانب ـ على كون المطعون في انتخابه أقدم على تعليق أوراق دعايته خارج الأماكن المخصصة لذلك وأجرى تجمعات خارج مدة الحملة الإنتخابية وواصل دعايته الإنتخابية يوم الإقتراع خلافا لما ينص عليه القانون ، ومن جانب آخر ـ على أنه لجأ إلى بذل المال واستعمال العنف لحمل الناخبين على التصويت لفائدته ، كما استخدم لذلك بعض أساليب الإغراء ومن جملتها قيامه خلال الحملة الإنتخابية بإصلاح طريق يستفيد منها 5000 من سكان الدائرة ؛
لكن حيث إن المآخذ المشار إليها أعلاه يتعلق الجانب الأول منها بوقائع لم يقع الإدلاء بما يثبتها ، وأن الإفادات المدلى بها لإثبات ما ورد في الجانب الثاني من بذل المال واللجوء إلى العنف لا تقوم بها حجة لما يشوب بعضها من عدم الدقة والوضوح وبعضها الآخر من قصور وغموض من حيث المضمون والمصدر إذ لم يرد فيها تحديد الإنتماء السياسي لا لمن بذل المال ولا لمن بذل لصالحه ، فضلا عن كون جلها إما خالية من أي توقيع أو مذيلة بمجرد بصمات ، وإصلاح الطريق الذي قام به المطعون في انتخابه لم يقع الإدلاء بما يثبت أن القصد منه كان هو إغراء الناخبين للتصويت لصالحه ، ومن ثم تكون مجموع المآخذ المثارة غير جديرة بالإعتبار ؛
في شأن الإدعاءات المتعلقة بتدخل السلطة الإدراية وأعضاء من بلدية ابن أحمد لفائدة المطعون في انتخابه :
حيث إن هذه الإدعاءات تقوم على كون مسؤولين إداريين وأعضاء من بلدية ابن أحمد تدخلوا لفائدة المطعون في انتخابه ، وأن تدخلاتهم تمثلت ـ من جانب ـ في استعمال العنف والترغيب والوعود ـ ومن جانب آخر ـ في عدم تمكين الناخبين من بطاقاتهم الإنتخابية في الميعاد المعلن عنه ، وتسليم هاته البطاقات إلى عدد كبير من الأشخاص دون التحقق من هويتهم ، وتسليم بطاقات انتخابية مكررة تحمل إسم نفس الشخص ليصوت بها أصحابها للمطعون في انتخابه ؛
لكن حيث إن المستندات المدلى بها غير كافية لإثبات الجانب الأول من الإدعاءات المشار إليها أعلاه ، ذلك أن الشكوى الموجهة إلى رئيس اللجنة الإقليمية المكلفة بالسهر على سلامة العمليات الإنتخابية ـ فضلا عن أنها تتعلق بمكتب تصويت واحد ـ ليس هناك ما يدل على أن الوقائع الواردة فيها قد ثبتت لدى الجهة التي رفعت إليها ، والمقال والصور لا تقوم بأي منهما حجة ، والإفادات ـ رغم كثرة عددها ـ لا يمكن الإطمئنان إليها فجلها ـ أي باستثناء عشر منها ـ لا تحمل توقيعات بالمرة أو مذيلة بمجرد بصمات ، أما دعوى عدم تسليم البطاقات الإنتخابية في الميعاد المعلن عنه ، أو تسليمها لأشخاص لم يتم التحقق من هويتهم ، أو لغير أصحابها ، فلم يقع الإدلاء في شأنها بأي حجة ، وادعاء تسليم بطاقات مكررة استند إلى الإدلاء ببطاقتين انتخابيتين مستعملتين وأخريين غير مستعملتين ، وهو ما يجعله ـ على فرض ثبوته ـ منحصرا في حالات جد محدودة لا تأثير لها ، الأمر الذي تكون معه الإدعاءات المجملة أعلاه غير جديرة بالإعتبار ؛
في شأن المآخذ على مكاتب التصويت من حيث تعيين مقارها وتشكيلها :
حيث إن هذه المآخذ تتمثل في ادعاء أن مكاتب التصويت لم يعلن عن مقارها في المواعيد وبالطرق القانونية ولم تشكل كلها من بين الناخبين الحاضرين بمكان التصويت عند افتتاح الإقتراع ، وأن الذين تشكلت منهم تلك المكاتب أغلبهم لم يكونوا يحسنون القراءة والكتابة خلافا لأحكـام الفقرة الثـانية من كل من الفصلين 29 و30 من الظهير الشـريف رقـم 177-77-1 الصـادر في 20 من جمـادى الأولى 1397 (9 مـاي 1977) المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه ، وأن بعض مكاتب التصويت كان جميع أعضائها ينتمون إلى أسرة واحدة متعاطفة مع المطعون في انتخابه وأن جل رؤساء مكاتب التصويت اختيروا من بين أعضاء المجلس البلدي الذي يرأسه المطعون في انتخابه ؛
لكن حيث إن ادعاء كون مكاتب التصويت لم يعلن عن مقارها في المواعيد وبالطرق القانونية مخالف للواقع نظرا إلى أنه يتضح من المستندات التي حصل عليها المجلس الدستوري بناء على طلبه من الجهة الإدارية المختصة أن عامل إقليم سطات أصدر في 10 أبريل 1994 ، أي قبل تاريخ الإقتراع بخمسة عشر يوما ، مقررا عين فيه مقار مكاتب التصويت وتم إعلان الجمهور به بالطرق القانونية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 29 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه ؛
وحيث ، من جهة أخرى ، لم يقع تحديد مكاتب التصويت التي ادعي أنها لم تكن مشكلة تشكيلا قانونيا ، والإفادات المدلى بها ـ على علاتها ـ ليس فيها ما يشير إلى كون مكاتب التصويت لم تشكل من بين الناخبين الحاضرين بمكان التصويت عند افتتاح الإقتراع ولا أن الذين تشكلت منهم لا يحسنون القراءة والكتابة ، كما أنه لم يقع الإدلاء بما يثبت أن انتماء أعضاء بعض مكاتب التصويت إلى أسرة واحدة متعاطفة مع المطعون في انتخابه واختيار رؤساء بعض مكاتب التصويت من أعضاء المجلس البلدي الذي يرأسه المطعون في انتخابه كان ـ على فرض صحة الواقعتين ـ نتيجة مناورة تدليسية قصد بها التأثير في تصويت الناخبين لهذا الأخير ، ومن ثم تكون المآخذ المشار إليها أعلاه غير جديرة بالإعتبار ؛
في شأن المآخذ على سير عمليات الإقتراع :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى :
1 ـ منع ممثلي أحد الطاعنين من حضور عمليات الإقتراع ورفض رؤساء مكاتب التصويت تضمين ملاحظات ممثلي طاعن آخر في محاضر العمليات الإنتخابية ورفضهم كذلك البت في النزاعات التي كانت تثيرها عمليات التصويت خلافا لأحكام الفقرة الرابعة من الفصـل 30 من الظهير الشـريف رقم 177-77-1 المشار إليه أعلاه المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه ؛
2 ـ عدم تحقق رؤساء مكاتب التصويت من هوية الناخبين ، وذلك لتمكينهم هؤلاء من التصويت دون إدلائهم ببطاقة الهوية ودون وضع مداد غير قابل للمحو بسرعة على أيديهم خلافا لما ينص عليه ـ في هذه الحالة ـ القانون رقم 92-12 المتعلق بوضع ومراجعة اللوائح الإنتخابية العامة وتنظيم انتخابات مجالس الجماعات الحضرية والقروية ، وذلك في مادته 43 المطبقة على الإنتخابات التشريعية بمقتضى القانون التنظيمي رقم 92-17 ؛
3 ـ عدم حضور أغلب أعضاء مكاتب التصويت طوال مدة الإقتراع ؛
4 ـ منع ناخبين من دخول مكاتب التصويت للمشاركة في الإقتراع ؛
5 ـ تسليم الناخبين غلافات مخصصة للعملية الإنتخابية محتوية على ورقة التصويت الخاصة بالمطعون في انتخابه ؛
6 ـ تحرير محاضر مكاتب التصويت خارج هذه المكاتب ودعوى أن محضر كل من مكتب التصويت رقم 23 لجماعة ابن أحمد ومكتب التصويت رقم 12 لجماعة عين الضربان يؤخذ على أولهما عدم تطابق مجموع عدد الأصوات التي حصل عليها المرشحون وعدد الأصوات المعبر عنها وعلى ثانيهما إغفال الأصوات التي حصل عليها ثلاثة مرشحين ؛
7 ـ عدم التنصيص في محاضر مكاتب التصويت على أن عدد الغلافات المستخرجة من صندوق الإقتراع وافق (أو لم يوافق) عدد المصوتين ؛
8 ـ امتناع السلطة الإدارية من تسليم محاضر مكاتب التصويت للمرشحين ؛
9 ـ إعلان الإذاعة والتلفزيون عن نتيجة الإقتراع قبل الإنتهاء من عمليات الفرز والإحصاء ؛
لكن حيث أن :
1 و2 و3 المآخذ الثلاث الأولى المشار إليها أعلاه لم يقع الإدلاء في شأنها بما يساعد على تحديد مكاتب التصويت المعنية . والإفادات المدلى بها لا تشير إلى الوقائع المدعاة في هذا الباب ؛
4 ـ الإدلاء باثنتي عشرة بطاقة ناخب غير مستعملة لا يقوم – في ذاته – دليلا على أن أصحابها منعوا من التصويت ؛
5 ـ الغلافات المدلى بها محتوية على ورقة التصويت الخاصة بالمطعون في انتخابه ـ وعددها 542 ـ يعتبر مجرد تسربها خارج مكاتب التصويت ـ سواء وقع ذلك قبل الإقتراع أو بعده ـ مخالفة جسيمة للقانون ، إلا أنه لم يثبت في النازلة أن تلك الغلافات تم توزيعها قبل الإقتراع على الناخبين وبعض رؤساء مكاتب التصويت لاستعمالها في العملية الإنتاخبية ، وأن غلافات أخرى من نفس النوع وزعت كذلك على الناخبين وبعض رؤساء مكاتب التصويت ووضعت فعلا من قبلهم في صناديق الإقتراع وكان لها بسبب ذلك تأثير في نتيجة العملية الإنتخابية ؛
6 ـ دعوى تحرير محاضر مكاتب التصويت خارج هذه المكـاتب لم يقع الإدلاء في شأنها بأي دليل ، والنعي الموجه إلى مكتب التصويت رقم 23 بجماعة ابن أحمد ومحضر مكتب التصويت رقم 12 لجماعة عين الضربان مخالف للواقع كما يتجلى ذلك من المحضرين المذكـورين المودعين بالمحكمة الإبتدائية بسطات ؛
7 ـ عدم التنصيص في محاضر مكاتب التصويت على أن عدد الغلافات المستخرجة من صندوق الإقتراع وافق (أو لم يوافق) عدد المصوتين لا يعيب ـ في حد ذاته ـ هذه المحاضر لأن القانون رقم 92-12 المتعلق بوضع ومراجعة اللوائح الإنتخابية العامة وتنظيم انتخاب مجالس الجماعات الحضرية والقروية لا ينص في الفقرة الثالثة من مادته 44 المطبقة على الإنتخابات التشريعية بمقتضى القانون التنظيمي رقم 92-17 على وجوب الإشارة في المحضر إلى عدد الغلافات وعدد المصوتين إلا إذا كان الأول يختلف عن الثاني بالزيادة أو النقصان ، وهو ما لم يقع ادعاؤه في النازلة ؛
8 ـ امتناع السلطة الإدارية من تسليم محاضر مكاتب التصويت للمرشحين ـ على فرض ثبوته ـ أمر لا حق للإقتراع فلا يمكن أن يكون له تأثير فيه ؛
9 ـ إعلان الإذاعة والتلفزيون عن نتيجة الإقتراع قبل الإنتهاء من عمليات الفرز وإحصاء الأصوات ليس هناك ما يثبته ؛
ومن ثم تكون المآخذ المتعلقة بسير عملية الإقتراع غير جديرة بالإعتبار ؛
وحيث إنه ، والحال على ما ذكر أعلاه ، لا داعي لإجراء البحث المطلوب ؛
لهذه الأسباب
أولا : يقضي برفض طلب السيد حسن نجمي وطلب السيد الحاج بوعزة الملياني وطلب السيد أمحمد فارس الرامين إلى إلغاء انتخاب السيد الحاج أحمد أمهال ؛
ثانيا : يأمر بنشر قراره هذا في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف المعنية .
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط يوم الثلاثاء 29 شعبان 1415 (31 يناير1995)
الإمضاءات
عباس القيسي
عبد العزيز بن جلون إدريس العلوي العبدلاوي الحسن الكتاني
محمد الناصري عبد الرحمان أمالو عبد اللطيف المنوني
محمد تقي الله ماء العينين عبد الهادي ابن جلون أندلسي