قرارات المجلس الدستوري


قرار رقم : 1994/49
تاريخ صدور القرار : 1994/11/22

المملكة المغربية            الحمد لله وحده

المجلس الدستوري    

ملفان رقم : 94/35 و94/36

قرار رقم : 94/49 م.د

باسم جلالة الملك

المجلس الدستوري ،

بناء على الدستور ، خصوصا الفصل 79 منه ؛

وبناء على الظهير الشريف رقم 177-77-1 الصادر في 20 من جمادى الأولى 1397 (9 ماي 1977) المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه كما تم تغييره وتتميمه ، خصوصا الفصل 48 منه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ؛

وبعد الاطلاع على العريضتين المسجلتين بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 30 شتنبر 1994 اللتين قدمهما السيدان امحمد بن رحال حامد ومحمد بوتخيل ـ بصفتهما مرشحين ـ ملتمسين إلغاء انتخاب السيد محمد بن امحمد أبركان نائبا بدائرة تاوريرت ـ إقليم بركان ـ تاوريرت ـ إثر الإنتخابات التشريعية الجزئية التي أجريت في 16 شتنبر 1994 ؛

وبعد الاطلاع على المذكرتين الجوابيتين المسجلتين بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في 25 أكتوبر 1994 ؛

وبعد الاطلاع على المستندات المرفقة بالعريضتين وبالمذكرتين الجوابيتين ؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛

وحيث إن الطعنين المشار إليهما أعلاه يتعلقان بنفس العملية الانتخابية ، الأمر الذي ينبغي معه ضمهما للبت فيهما بقرار واحد ؛

في شأن المأخذ المتعلق بالحملة الإنتخابية :

حيث يتلخص هذا المأخذ في كون المطعون في انتخابه أقدم ، خلافا لما ينص عليه القانون ، على تعليق صوره والملصقات الخاصة بدعايته الانتخابية خارج الأماكن المخصصة لذلك ، الشيء الذي مكنه ـ حسب ادعاء الطرف الطاعن ـ من الظهور بمظهر المرشح الوحيد مؤثرا بذلك وبطريقة غير مشروعة في نتيجة الإقتراع ؛

لكن حيث لم يدل الطاعنان بما يثبت ادعاءهما فإن المأخذ المثار يكون غير جدير بالإعتبار ؛

في شأن الادعاءات المتعلقة بتوزيع المال وتدخل السلطة لصالح المطعون في انتخابه :

حيث تستند هذه الادعاءات إلى ثلاث عشرة إفادة ، ثلاث منها تتعلق بتوزيع المال من طرف مساعدي المطعون في انتخابه من أجل إغراء الناخبين وعشر إفادات تشير إلى أن مقدم قبيلة "بوزكو الجبل" كان يهدد الناخبين ويحثهم على التصويت لصالح المطعون في انتخابه ؛

لكن حيث إن الإفادات المدلى بها غير كافية لإثبات الادعاءات المذكورة أعلاه لما يشوبها من غموض وعدم الدقة ، الشيء الذي يكون معه السبب المتمسك به غير جدير بالإعتبار ؛

في شأن الادعاء المتعلق بعدم تعيين مقرات مكاتب التصويت :

حيث يرتكز هذا الادعاء على خرق أحكام الفصل 29 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المعتبر بمثابة القانون التنظيمي المتعلق بتأليف مجلس النواب وانتخاب أعضائه لكون عامل إقليم بركان ـ تاوريرت لم يصدر قبل اقتراع 16 شتنبر 1994 مقررا يقضي بتعيين مقرات مكاتب التصويت وبالتالي فإنه لم يقع إخبار العموم بها ؛

لكن حيث يتضح من كتاب عامل إقليم بركان ـ تاوريرت أن هذا الأخير أصدر بتاريخ 5 شتنبر 1994 مقررا يعين بموجبه مقرات مكاتب التصويت الخاصة بإجراء الإنتخابات التشريعية الجزئية بالدائرة الإنتخابية رقم 5 تاوريرت ؛

وحيث إن المأخذ المتمسك به يكون لذلك مخالفا للواقع والاستنتاج المستخلص منه غير قائم على أساس ؛

في شأن المأخذ المتعلق بتشكيل مكاتب التصويت :

حيث يشتمل هذا المأخذ على ادعائين :

1 ـ عدم اشتمال مكتب التصويت رقم 19 ب بجماعة تاوريرت على عدد الأعضاء المقرر قانونا ، بدليل أن محضره لا يتضمن أسماء أعضائه ؛

2 ـ كون مكاتب التصويت رقم 1أ و1ب و2أ و2ج و3أ و6ب و7 و8 و9 و10 و11 و12ب و13 أ و13ب و16 و17 و18 و19أ و19ب و19ج و20 و22أ و22ب و22ج و23 و23ب و23ج و24أ و24ب و25أ و25ب و25ج من بلدية تاوريرت ومكاتب التصويت رقم 1 و2ب و4 و5 و6 و7 و8 و9أ و10 و11 و12 و14 و15 و17 و20 و21 من جماعة أهل وادي زا ومكاتب التصويت رقم 1 و2 و7 و8 و9 و11 من الجماعة القروية مستكمار لم تشكل وفق أحكام الفقرة الثانية من الفصل 30 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المشار إليه أعلاه التي تنص على أنه "يساعد رئيس مكتب التصويت الناخبان الأكبر سنا والناخبان الأصغر سنا غير المرشحين , الذين يحسنون القراءة والكتابة ويكونون حاضرين بمكان التصويت عند افتتاح الاقتراع ويتولى أصغر هؤلاء الأربعة مهام الكاتب" ، ذلك أن الناخبين الأكبر سنا والناخبين الأصغر سنا في المكاتب المذكورة كانوا أميين كما يتضح ذلك من توقيعاتهم في المحاضر ومن البصمة التي وقع بها عضوان من أعضاء مكتب التصويت رقم 11 من جماعة مشرع حمادي ؛

لكن حيث إنه بالرجوع إلى محاضر مكاتب التصويت التابعة للدائرة الإنتخابية تاوريرت والمودعة بالمحكمة الابتدائية بوجدة يتبين ؛

ـ من جهة ، أن بيان محضر مكتب التصويت رقم 19ب بجماعة تاوريرت يتضمن ـ خلافا لما يدعيه الطرف الطاعن ـ بين أسماء جميع أعضاء المكتب ؛

ـ ومن جهة أخرى ، أن شكل التوقيعات الخطية الموضوعة في المحاضر المذكورة أعلاه (باستثناء محضر مكتب التصويت رقم 11 بجماعة مشرع حمادي) لا يستلزم أن أصحابها لا يحسنون القراءة والكتابة ؛

وحيث يستنتج من البصمة التي وقع بها عضوان من مكتب التصويت رقم 11 بجماعة مشرع حمادي أنهما لا يحسنان القراءة والكتابة ، خلافا لما تنص عليه الفقرة الثانية من الفصل 30 من الظهير الشريف رقم 177-77-1 المومإ إليه أعلاه ؛

وحيث إن معرفة أعضاء مكتب التصويت للقراءة والكتابة تعتبر شرطا جوهريا لضمان ضبط العملية الانتخابية وبالتالي سلامة الاقتراع ، وأن عدم توفره يترتب عليه بطلان تشكيل المكتب وعدم الاعتداد بالأصوات المدلى بها فيه ؛

لكن حيث إن استبعاد نتيجة مكتب التصويت المذكور وإسقاط الأصوات التي حصل عليها به المطعون في انتخابه من مجموع الأصوات التي أحرزها لا يؤثر في النتيجة العامة للإقتراع ؛

وحيث إن السبب المتمسك به لا يمكن لذلك التعويل عليه ؛

وحيث إنه لا مبرر ـ والحالة هذه ـ لإجراء البحث المطلوب بشأن المأخذ المتعلق بتشكيل مكاتب التصويت ؛

في شأن الادعاءات المتعلقة بعمليات التصويت :

حيث تنطوي هذه الادعاءات على مأخذين :

1 ـ الإشارة في محاضر مكاتب التصويت رقم 8 و9 و10 بجماعة مستكمار إلى أن أشخاصا غير حاملين للبطاقة الانتخابية صوتوا بعد أن عرف بهوية كل منهم شاهدان دون أن يتحقق المكتب في كل حالة من هوية المصوت والشاهدين ومن أن الشاهدين لهم صفة الناخب ، وقد شملت هذه العملية شخصين في المكتب الأول وسبعة وخمسين شخصا في المكتب الثاني وثلاثة وخمسين شخصا في المكتب الثالث ؛

2 ـ التنصيص في محضر مكتب التصويت رقم 7 بجماعة أولاد امحمد على أن صندوق الاقتراع وقع خطفه في الساعة الخامسة وخمس وأربعين دقيقة من قبل شخصين يحملان السلاح الأبيض دون الإشارة في المحضر إلى كيفية استرجاع الصندوق ولا إلى ما حدث به من عبث ؛

لكن :

من جهة ، حيث إنه رغم ما ثبت عند تمحيص محاضر مكاتب التصويت رقم 8 و9 و10 من كون هذه المكاتب سمحت ل 72 شخصا (بدل 112 التي يدعيها الطرف الطاعن) غير حاملين للبطاقة الانتخابية بالتصويت دون أن تتقيد بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 43 من القانون رقم 92-12المطبقة على الانتخابات التشريعية بمقتضى القانون التنظيمي رقم 92-17 ، عندما اكتفت بالإشارة في المحاضر إلى أن الذين سمح لهم بالتصويت من غير إدلاء بالبطاقة الانتخابية قد عرف بكل منهم "شاهدان" دون بيان أن "الشاهدين" المعنيين ناخبان كما يوجب ذلك القانون ، فإن إلغاء الأصوات المدلى بها بهذه الطريقة ومن بينها الصوتان اللذان حصل عليهما المطعون في انتخابه في المكاتب الثلاثة المذكورة من المجموع العام للأصوات التي أحرزها لا يؤثر في النتيجة العامة للإقتراع ؛

ومن جهة أخرى ، حيث إن محضر مكتب التصويت رقم 7 بجماعة أولاد امحمد وإن نص على أن صندوق الإقتراع قد تعرض لاختطاف من طرف شخصين كانا في حالة سكر ، فقد أشار إلى أنه بعد تدخل رجال الدرك باستدعاء من رئيس المكتب تم القبض على المعتدين ولم يتضمن المحضر زيادة أية ملاحظة تحمل على الشك في سلامة النتائج المدونة به ؛

وحيث إن الأسباب المتمسك بها للطعن في عمليات التصويت تكون لذلك غير مؤثرة ؛

في شأن المأخذ المتعلق بتحرير محاضر مكاتب التصويت :

حيث يقوم هذا المأخذ على أربعة ادعاءات :

1 ـ كون التوقيعات المنسوبة في المحضر إلى أعضاء مكتب التصويت رقم 1 بجماعة أهل وادي زا القروية غير مسبوقة بأسماء الموقعين الشيء الذي يجعلها غير معروفة حسب التعبير الوارد في الادعاء ؛

2 ـ كون معظم محاضر مكاتب التصويت لم تشر إلى أنه وقع عدد الغلافات فوافق عددها أو لم يوافق عدد الإشارات الموضوعة في اللائحة الانتخابية أمام أسماء المصوتين ؛

3 ـ كون محاضر خمسة عشر مكتبا للتصويت لم تشر إلى ساعة اختتام الاقتراع وأن ذلك يدل على أنها لم تحترم المدة القانونية المخصصة لعملية التصويت كما يشهد على ذلك ـ حسب الادعاء ـ استمرار الاقتراع إلى السادسة وسبع دقائق في مكتب التصويت رقم 11 بجماعة تاوريرت ، وأن مكتب التصويت رقم 7 بجماعة ملقى الوديان لم يفتتح فيه الاقتراع ـ حسب الادعاء أيضا ـ إلا في الساعة التاسعة والربع ؛

4 ـ كون محضر المكتب المركزي بالجماعة القروية ملقى الوديان لم يوقعه سوى اثني عشر رئيسا من رؤساء مكاتب التصويت في حين أن الجماعة المذكورة تضم ثلاثة عشر مكتبا للتصويت الأمر الذي يدل ـ حسب الادعاء ـ على أن نتيجة المكتب المركزي استبعدت نتيجة مكتب من مكاتب التصويت التابعة له ؛

لكن :

من جهة أولى ، حيث إنه بالرجوع إلى نظير محضر مكتب التصويت رقم 1 بجماعة أهل  وادي زا القروية المشار إليه أعلاه ـ المودع بالمحكمة الابتدائية بوجدة ـ يتضح أنه يحمل توقيعات جميع أعضاء المكتب مسبوقة بأسمائهم ؛

ومن جهة ثانية ، حيث إن القانون رقم 92-12 المتعلق بوضع ومراجعة اللوائح الإنتخابية العامة وتنظيم انتخابات مجالس الجماعات الحضرية والقروية ينص في مادته 44 المطبقة على الإنتخابات التشريعية بمقتضى القانون التنظيمي رقم 92-17 على أنه "يفتح صندوق الاقتراع ويتحقق من عدد الغلافات ، وإذا كان هذا العدد أكثر أو أقل من عدد المصوتين الموضوعة أمام أسمائهم الإشارة المنصوص عليها في المادة 43 أعلاه يشار إلى ذلك في المحضر" ؛

وحيث يتضح من ذلك أن الإشارة في المحضر إلى عدد كل من الغلافات والمصوتين الموضوعة أمام أسمائهم العلامة المقررة قانونا إنما تكون واجبة إذا لوحظ اختلاف بين العددين بالزيادة أو النقصان ، فإن لم يشر إلى ذلك اعتبر العددان متفقين ؛

ومن جهة ثالثة ، حيث إن عدم الإشارة في محاضر مكاتب التصويت المذكورة أعلاه إلى ساعة اختتام الإقتراع لا يستنتج منه بالضرورة أن المكاتب المعنية لم تلتزم بالوقت القانوني ؛

وحيث إنه بالرجوع إلى نظائر المحاضر المودعة بالمحكمة الابتدائية بوجدة ، يتضح فيما يخص مكتب التصويت رقم 11 بجماعة تاوريرت أن الاقتراع اختتم به في الساعة السادسة مساء ـ خلافا لما يدعي الطرف الطاعن ـ وفيما يخص المكتب رقم 7 بجماعة ملقى الوديان أنه لم يفتتح به ، الاقتراع إلا في الساعة التاسعة والربع مبررا ذلك بأسباب غير مقبولة ؛

وحيث إنه على فرض أن تأخير افتتاح الاقتراع في هذا المكتب قد حال دون تصويت جميع المسجلين الذين لم يصوتوا به وعددهم 192 وأن الطاعن كان سيحصل على أصواتهم جميعا بالإضافة إلى الأصوات التي حصل عليها في الدائرة الإنتخابية ، فإن ذلك ما كان ليؤثر في النتيجة النهائية للاقتراع ؛

ومن جهة رابعة ، حيث يتضح من الاطلاع على مقرر عامل بركان ـ تاوريرت القاضي بتعيين مقرات مكاتب التصويت أن الجماعة القروية ملقى الوديان تضم اثني عشر مكتبا وهو ما يطابق عدد توقيعات رؤساء مكاتب التصويت التي ذيل بها محضر المكتب المركزي التابع للجماعة المذكورة ؛

وحيث إن الادعاءات المجملة أعلاه المتعلقة بتحرير المحاضر تكون لذلك غير جديرة بالاعتبار ؛

وحيث إنه نظرا لجميع ما ذكر أعلاه فلا داعي للقيام بالبحث المطلوب ؛

لهذه الأسباب

أولا : يرفض طلب السيد امحمد بن رحال حامد وطلب السيد محمد بوتخيل الراميين إلى إلغاء انتخاب السيد محمد بن امحمد أبركان ؛

ثانيا : يأمر بنشر قراره هذا في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف المعنية ؛

وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط يوم الثلاثاء 18 من جمادى الثانية 1415

(22 نوفمبر 1994)

الإمضاءات

عباس القيسي

عبد العزيز بن جلون              إدريس العلوي العبدلاوي         الحسن الكتاني

محمد الناصري                   عبد الرحمان أمالو                عبد اللطيف المنوني

محمد تقي الله ماء العينين          عبد الهادي ابن جلون أندلسي